
ورقة اليوم
أمام الانشغال العالمي بالتفشي الوبائي لفيروس كورونا، نجانا الله وإياكم وشفى المرضى والمصابين، نسجل الملاحظات التالية:
_ صدمة الإنسانية وهي تعود القهقرى إلى الأزمنة الوبائية في الوقت الذي توهمنا ان عهد تلك الأزمنة الوبائية قد ولى بعدما عرفته الإنسانية من تطور وتقدم غير مسبوقين؛ بل الأدهى من ذلك أن تكون سهولة التواصل والتنقل بين ارجاء المعمور، وهي من علامات الحضارة المعاصرة، صارت واحدة من العوامل الميسرة لانتقال وانتشار وتفشي الوباء؛
_ بروز الحاجة المتجددة لثقافة التضامن داخل المجتمعات وبين الدول والثقافات المختلفة….من أجل مواجهة عوامل الأنانية والفردانية التي أفرزتها الرأسماليةالمتوحشة، وهي العوامل التي تزيد من استفحال الوباء وإضعاف القدرة الجماعية على مواجهته؛
_ ظهور عوار القيادات الشعبوية ذات الأفق الثقافي السطحي والمحدود، وعدم قدرتها على إنتاج خطاب قادر على إنتاج الأمل ودعم الروح الإنسانية المطلوبة في مثل هذه اللحظات العصيبة، وكذا ظهور مآزقها الفادحة حين تبخس من شأن الأبعاد الثقافية والروحية والعلمية في بناء المجتمعات والدول؛
_ بروز عوار “الأفق الحداثوي” وهو يعجز عن التدبير الروحي للزمن الوبائي الكوروني، وكذا بروز ارتباك بعض أصوات الخطاب الديني التقليداني( ثقافة التشفي، اعتبار الوباء عقابا الهيا،….) ، وعدم قدرة الكثير منها على إعادة استثمار ميراث إسلامي روحاني هائل في تهديء روع الناس، وإعادة تثمير المعنى الروحي في وجودهم وتحويل هذه الطاقة الروحية إلى قيم منظورة وثقافة تضامنية تراحمية ذات أفق إنساني كوني لمواجهة الوباء معنويا، وعلميا، واجتماعيا….
إنها لحظة تاريخية استثنائية لمراجعة الأبعاد المادية والتدبيرية والأخلاقية والاجتماعية والروحية والعلمية والإعلامية…لتعاملنا مع واقعنا. تلك بعض دروس مواجهة تناهينا في زمن توهمنا فيه أننا أصبحنا أسياد عالم ما يفتأ يكشف لنا عن ضعفنا، وعن ضرورة البذل اللانهائي، العلمي والروحي والاجتماعي والسياسي…، لاستحقاق وجودنا فيه…..
محمد التهامي الحراق