
نفحات رمضانية في رحاب الشعر الملحون – الحلقة 21
يكتبها ل،MCG24 الدكتور منير البصكري الفيلالي/ أسفي
فهذا شاعر الملحون الأسفي الطالب بنسعيد ، يورد في قصيدته ” الربيعية ” الكثير من التجليات الربانية ، مختتما ذلك بقوله : بهذا يعرف الله . وهنا تكمن حقيقة التفكير في خلق الله لدى شاعر الملحون . يقول :
شوف نخلات افتهييجا أرخاوا لفنـــان شوف السفرجل به الغنــي أكرمنــــا
شوف توت أبرقوق أرض اسريع لغصان شوف مشمــاش أطهج فغرس به فتنا
شوف خروب اخزاينو فيه دون بنيــان للنـــزايه وقدا لحرجات ضل وهفــــا
شوف زقزوق اصفوف شوف يــــلان شوف رعد ازكلم شوف الغني استرنا
لداه وسلـــوان اعــلا الـدوام عنيــــــت والطيار اتزغرت وعقولها افــوتــــــا
شــــــوف النــــور فالحـــراج وتنــــزه وصغ حوت الطيار فرجــــا ونزهـــا
هــــذا فصل الربيع لعقــــول اتيــــــــه للـــه الحــمــد رب العبــــاد ارواهــــا
هكــــذا يعـرف الحـــق الغنــــي الإلاه زيـــد حمــد يــوالي لا تكـــون ساهــي
في بواب رحمتو طول الــــدوام نسعاه لا غنــا برحمتو وســامح فالملاهــــي ..
نعم ، لقد توفق شاعر الملحون في أن يرسم صورة جميلة جدا لما يزخر به هذا الكون من مظاهر ربانية ، تدل بشكل مطلق على عظمة وجلال الخالق . ومن ثمة ، توجه بفكره وقلبه ليتفكر في ملكوت السماوات والأرض ، ما دام التفكر عبادة حرة طليقة ، لا يحدها ـ فيما عدا التفكر في ذات الله تعالى ـ عائق ولا قيد من مكان أو زمان أو عيب أو شهادة . وشاعر الملحون حين كان يجيل النظر ، لا يرى حوله إلا دقة الصنع الإلهي ، وجمال إبداع الكون فيزداد خشية على خشية ، وتعظيما لربه سبحانه وتعالى ..” الذي أحسن كل شيء خلقه ، وبدأ خلق الإنسان من طين . ”
إن النماذج الشعرية التي سقناها سابقا ، ذات وجوه ودلالات متعددة . فقد منح شعراء الملحون شعرهم بعدا تصويريا اتخذوا من خلاله معراجا لمعاني دينية ، وأضافوا عليه من تجربتهم الحياتية ما يقوي إيمانهم بخالقهم . وقد ألهمهم شهر رمضان المزيد من التفكر والتأمل في خلق الله .
فشاعر الملحون يتخذ من الصور الطبيعية نوعا من المعادل الموضوعي لتجسيد إيمانه وحضوره الروحي . ولعل ما يلفت النظر حقا ، هو أن شاعر الملحون لا يكتفي بتوجيه النظر إلى مجال الطبيعة المباشرة ، وإنما يعبر بمشاهد الطبيعة عن المعاني النفسية والفكرية ، وإن جاءت في غير قليل من الأحيان مقترنة بنوع من الدعوة إلى التأمل في ملكوت الله وقدرته . يقول الحق سبحانه : ” قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق” وقوله تعالى : ” ويتفكرون في خلق السماوات والأرض .. ”
لا نجازف إذن ، إذا قلنا بأن شاعر الملحون قد اجاد فيما أبدع من قصائد تهم موضوع التأمل والتفكر فيما خلق الباري سبحانه .. مبتغيا الفوز برضى خالقه والتوبة والإنابة إليه عز وجل . وهذه الإنابة إلى الله ، حاضرة بقوة عند شاعر الملحون ، على حد ما نجد عند الشاعر اليوسفي الفيلالي :
فيق أراسي فيق فيق وراك بقيتي في الطريق
ما عندك زاد ولا رفيق غير افعالك وعمالو
ما درت فعال ولا اعمال لمن نشكي حملي تقال
من لا يقرا ولا يسال ضايع في الدنيا حالو
ضيعت وقات الصلا ومشا لي عمري خلا
كيف اللي تالف وانجلا لا من يلقاه يسالو
أراسي يا راسي خليت ما صليت ما قريت
حتى شبت هلي وعيت وراسك شاب كحالو
توب أراسي توب توب يزاك خلاص من د الدنوب
ضيعت اشبابك في اللعوب ومشى العمر في حالو ..