تأملات

آثار الدعاء والتعبد بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى- 2

عبد الرحمان سورسي

الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .   اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد : أيها الإخوة الأحبة في الله إن الله – تعالى -لا تراه العيون، ولا تحيط به الظنون. فكان باب الأسماء والصفات هو الطريق الأمثل لمعرفة الله – تعالى -، فهو حادي القلوب إلى علام الغيوب، وشاحذ الهمم في دروب السالكين لمعرفة وعبادة رب العالمين. أما العلم بالأسماء والصفات والتعبّد بها فهو قُطب السعادة ورحى الفلاح والنجاح، فمن رام السعادة وابتغاها فليأخذ نفسه بأسماء الله وصفاته فيهما، والله الأنس كله والأمن كله، ولتحصيل هذا العلم طرق، منها: التأمل في الأسماء والصفات، وفهم معانيها والتدبّر فيها. وهذا ما أرشده النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصحيحين: « إنَّ لله تسعاً وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة.. ». والإحصاء يكون بإحصاء ألفاظها وعددها وتفهّم معانيها ومدلولاتها والدعاء بها بنوعيّ الدعاء: دعاء المسألة و دعاء التعبّد.
وإنَّ لكل اسم أسرار عظيمة ومعانٍ بديعة، يُطْلِعُ الله ما شاء منها على من شاء من عباده، قال إسماعيل عبد الله الأنصاري: ” في كل اسم من أسماء الله – تعالى -سرٌ خفيّ طبقات الحنابلة.”
معاشر السادة والسيدات: تعالوا بنا لنتأمل ما تبقى من معاني اسماء الله الحسنى إنطلاقا من (الحي)
الحيّ : الباقي الذي لا يموت ولا يزول، وهو الذي تفرّد بالحياة الأبديّة التي لا نهاية لها، ولأنّ حياة من يشاء تبدأ وتنتهي حينما يشاء من كان هو مصدر الحياة لكل كائن حيّ، لذا يوكَل إليه تدبير أمور الحياة كلّها؛ لأنّه هو وحده دائم الحياة فيدوم تدبيره لها، قال -تعالى-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ).[٧٣][٧٤] القيّوم: الدائم، وهي صيغة مبالغة من فعل قام يقوم، بمعنى يدوم، وهي أشدّ مبالغة من القيام، ومجيء الاسم بكمال المبالغة كان لبيان استغناء الله -تعالى- عن كلّ ما سواه، وحاجة كل ما سواه إليه؛ فهو القائم بذاته المُقوِّم لغيره، قال -تعالى-: (اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ).[٧٥][٧٦] الكريم: الخيّر والنافع الذي يُنعم على خلقه ويتفضّل عليهم، وهو الصفوح الذي يصفح عن ذنوب ومعاصي عباده، وقيل هو العزيز، وبوصفه بالكريم نفي للنقائص عنه ووصفه بجميع المحامد.[٧٧] ذو الجلال والإكرام: الله ذو الجلال هو المُستحِق لوصف العظمة والرفعة، وهي صفة استحقها لذاته، أمّا ذو الإكرام فهو مصدر من الفعل أكرم فهو المُكرِم؛ أي المُنعم لكنّ الإكرام أخصّ من الإنعام وذلك لأنّ إنعام الله -تعالى- يكون على المُكَرّم عنده وعلى غيره كإنعامه على العاصي المخالف، أمّا إكرامه فلا يكون إلا لمَن كان له محبة وودّ عنده، قال -تعالى-: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ).[٧٨][٧٩] الصّبور: الصبور من الصبر؛ أي أنّه يُؤَخِر العقوبة ولا يَعجل عليها.[٨٠] المنّان: المنّان من المنّ وهو العطاء دون مقابل، وهو أيضاً من المنّة؛ أي التفاخر بالعطية على المُعطى، والمعنيان صحيحان في حق الله -تعالى- فهو الذي يهب الخلق من عطائه ومِنَحه، وهو المُتفضّل عليهم بالحياة، والعقل، والمنطق، وقد أجزل وأنعم في عطاياه؛ فكانت له المنّة بتلك النعم على من أنعم عليهم.[٨١] المُقيت: اسم فاعل من أقات ويقيت، والاسم منه هو القوت؛ أي ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام والشراب؛ فالمُقيت هو الذي يتكفّل بأقوات الخلق فيعطي كلّ إنسان وحيوان قوته بما يجعله قواماً له إلى أن يشاء، وإن يمنعه عنه يموت، قال -تعالى-: (وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا).[٨٢][٨٣] الناصر، النصير: المُعين؛ فيُقال: نصره الله -تعالى- على عدوه؛ أي أعانه عليه، قال -تعالى-: (وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ).[٨٤][٨٥] الشّكور: اسم بمعنى المشكور، وشكر الله -تعالى- هو مقابلة فعله بالثناء عليه، وقبول نعمه، والاعتراف بها على سبيل الخضوع، أو الاعتراف بالتقصير في شكر نعمه، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ النعم تزيد وتدوم بالشكر، وتنعدم وتُزال بغيره، لقوله -تعالى-: (لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم).
صدق الله العظيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض