ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 43

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

السيد محمد بلهواري : من مواليد مدينة أسفي حوالي 1930 أو 1931 .. تلقى تعليمه الأول بكتاب الفقيه محمد الهسكوري ، بعد ذلك ، التحق بمدرسة الحاج أحمد بلا فريج بالرباط ، وكان ذلك في بداية افتتاحها ، حيث عد من الرعيل الأول الذي درس بهذه المؤسسة التعليمية الحرة . لكنه سيغادرها قافلا إلى أسفي سنة 1944 عقب الأحداث التي عرفها المغرب آنذاك . لكن سرعان ما عاد مرة أخرى إلى تلك المدرسة ليحصل منها على الشهادة الابتدائية سنة 1946 . بعد ذلك ، ذهب إلى مراكش ليكمل دراسته بثانوية محمد الخامس ، ليحط الرحال فيما بعد بمدينة القنيطرة ليتابع دراسته في مجال الفلاحة . 
  
كان السيد محمد بلهواري مزدوج الثقافة ، متقنا للغتين العربية والفرنسية ، إضافة إلى أنه كان خطاطا بارعا ، يحمل حسا فنيا مرهفا .. وليس ذلك بغريب عنه ، إذ إن والدهالسيد الحاج عبد الرحمان بلهواري،كان من أبرز من أنجبتهم مدينة أسفي في مجال طرب الآلة .فقد جمع إلى درايته بأصولها ومستعملاتها إلماما بالعزف على آلتي الكمان والبيانو . إلى جانب ذلك ، كان الحاج عبد الرحمان بلهواري حريصا على توثيق الصلة برجال الفن بالمدن الكبرى كفاس وتطوان والرباط وسلا ومراكش والصويرة . . دون أن ننسى أنه فتح ناديا بحيتراب الصينييجتمع فيه الفنانون بعد صلاة العصر من كل يوم للتمرن على الميازين وحفظ الصنائع والتواشي . فكان هذا النادي يستقطب مجموعة من العازفين والحفاظ من أمثال عازف البيانو السي عبد القادر بلحسن وعازفي العود أحمد الركيك وأحمد لعويني ، وعازفي الكمان الحاج أحمد الوزاني والسي عبد السلام الركيك وعبد الواحد الحكيم ، وعازف الرباب السي التهامي الحمار ، والسي لقليعي والذي كان يتقن العزف على عدة آلات ، ومحمد لفداوش صاحب الصوت الجهوري والحاج محمد الفيلالي البصكري والسي عبد الله السلاوي والسي عبد الرحمان الوزاني عازف القانون والكمان .”
   
وبالعودة إلى ابنه السي محمد بلهواري، فقد عمل في صفوف الحركة الوطنية منذ شبابه إلى حين حصل المغرب على الاستقلال . عقب ذلك ، غادر السي بلهواري مدينة أسفي ليلتحق بوزارة الداخلية ، إذ شغل منصب رئيس دائرة في قلعة السراغنة في زمن كان السيد الطاهر أوعسو عاملا على مدينة أسفي على عهد السلطان المغفور له  ، سيدي محمد الخامس رحمه الله . كما شغل السي بلهواري منصب الكاتب العام لمدينة مراكش ، حيث تفانى في خدمة هذه المدينة ، وقدم لها كل ما كان يملك من طاقة وحيوية في غير كبرياء أو غطرسة . وقد بقي يشغل هذا المنصب إلى سنة 1971 ، حيث طلب الإعفاء من مهامه ليتولى تسيير شؤونه بنفسه .. إلى أن وافاه الأجل المحتوم بمراكش ، ليوارى الثرى  بمقبرة مولاي الوافي بأسفي .
والسي محمد بلهواري ـ كما يصفه من عايشه واحتك به ـ رجل وسيم ، جميل الطلعة ، أنيق الشكل والمظهر ، بسيط ومتواضع ، له وجه يشع نورا ، فيه سمت ووقار وحياء . ومثل هذه الأوصاف والخصال ، تكاد تنسحب على غير قليل من رجالات أسفي . فكل من أراد التعرف إلى أسفي المدينة ، فإنه سيجد ـ لا محالة ـ في رجالاتها السلوك الحسن والتواضع الجم ، والأخلاق الإسلامية الفاضلة ، والمواقف الرصينة ، والتمكن من العلم والثقافة وعمل الخير ، والسعي من أجله . لذلك ، كان السي محمد بلهواري من خيرة الناس ، له مواقف إنسانية كثيرة ، إذ كان بيته لا يخلو من الزوار والضيوف ، كما أن هذا الرجل دائم البحث عن أصوله ، ديدنه في ذلك ، ما سبق أن قلناه عن السي أحمد بنجلون إثر الترجمة له . 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض