
معرض الرياض الدولي للكتاب يحتفي بالثقافة كحاجة راهنية
تشهد العاصمة السعودية الرياض غدا الجمعة، عرسا ثقافيا كبيرا، يحتفي بالثقافة كحاجة راهنية، وبالكتاب كأحد أعظم تجليات العقل البشري. فالمعرض الدولي للكتاب، الذي يضم مئات دور النشر ويحوي آلاف الكتب بمختلف المشارب والتنوع الفكري والثقافي، يمثل منصة حقيقية لعشاق الكلمة العميقة والفكر الرصين للتغذية على الكنوز المعرفية المتنوعة.
ويحتفي معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي تستمر فعالياته حتى العاشر من أكتوبر، بالثقافة كوعاء للهوية بشتى مفاصلها، تعكس قيما مطلقة تدعو إلى اكتساب السلوك الراقي والعطاء الإنساني الذي يرقى لتهذيب الذائقة وإشباع الذات، واستثمار ثمرات العقل وكنوزه المعرفية في شتى الفنون والمعارف.
وتقام الدورة الجديدة من المعرض تحت شعار “وجهة جديدة، وفصل جديد”، ويحضر فيها العراق بوصفه “ضيف الشرف” وببرنامج احتفائي تقدم فيه نخبة من المثقفين والفنانين العراقيين ندوات وأمسيات شعرية، يطل من خلالها وزير الثقافة العراقي حسن ناظم في لقاء بعنوان “الثقافة وبناء الدولة”، بالإضافة لندوة عن “موروث الفن العراقي”، وندوة أخرى بعنوان “مدن آثارية (أور، بابل، النمرود)”، كما يلتقي جمهور الأدب مع ندوة عن “عوالم الشاعر محمد مهدي الجواهري الإنسانية والأدبية”، تشارك فيها ابنته خيال محمد الجواهري، وندوة عن بدر شاكر السياب بعنوان “غابات النخيل، جولة في حياة بدر شاكر السياب وشعره”، تشارك فيها ابنته آلاء بدر السياب، فضلا عن ندوة عن الناقد العراقي علي جواد الطاهر وجهوده في التأريخ للأدب السعودي.
وتعد هذه الدورة من المعرض، الأولى التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت إشراف وزارة الثقافة السعودية، وتشهد مشاركة أكثر من 1000 دار نشر محلية وعربية ودولية من 28 دولة. واللافت في هذه المشاركة حضور 13 دار نشر من العراق، و46 أخرى من سوريا.
تمكن معرض الرياض الدولي للكتاب، بحلته الجديدة، من اجتذاب عارضين من صناع النشر والمعرفة بمختلف المشارب والتنوع الفكري والثقافي، القادمين من القارات الخمس، وهي على التوالي، “آسيا، إفريقيا، أمريكا، أوربا، والقارة الأسترالية”، حيث حصدت دور النشر الممثلة عن القارة الآسيوية النسبة الأكبر بـ 48.14 في المئة، تلتها القارة الإفريقية بنصيب 25.92 في المئة، ثم القارة الأوربية بنسبة 18.51 في المئة، وكان نصيب القارتين “الأمريكية الشمالية والأسترالية” من التمثيل 3.70 في المئة لكل منهما. وتتسارع وتيرة الاستعدادات في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي سينطلق في الأول من أكتوبر في مقره الجديد بواجهة الرياض، حيث سيقام على مساحة تتجاوز 36 ألف متر مربع، وسيضم مناطق مخصصة لأعمال الناشرين، وأخرى للعروض الحية لفنون الطهي، كما يحتضن ورش عمل، وجلسات حوارية وأمسيات شعرية وفنية، ومسرحيات تقدم على ثلاثة مسارح خارجية، اثنين في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، ومسرح في مركز الملك فهد الثقافي. وكشفت هيئة الأدب والنشر والترجمة أن معرض الرياض الدولي للكتاب سيتيح خدمة طلب الكتب إلكترونيا ، من خلال المعرض الافتراضي الذي جهزته الهيئة بالتنسيق مع الناشرين، والذي سيتزامن مع انطلاقة المعرض الرسمية، وتستهدف هذه الخدمة الجديدة المهتمين بالكتب ممن لم يتمكنوا من زيارة المعرض حضوريا ، ولعشاق الكتب والقراءة في مختلف أنحاء العالم.
وحول منصات توقيع الكتب، أوضحت الهيئة أن الإجراءات الاحترازية للوقاية من تفشي الجائحة، فرضت اشتراطات خاصة ، حيث خصصت الهيئة خدمة في المنصة الإلكترونية لحجز منصات التوقيع، بعيدا عن أجنحة دور النشر، بهدف تنظيم عملية توقيع الكتب، وإتاحة فرصة اللقاء بين المؤلفين والقر اء، وفق آلية سيعلن عنها لاحقا .
وي عد المعرض حدثا ثقافي ا ضخم ا في قطاع صناعة الكتب والنشر، وتتنوع فيه الندوات الثقافية والأدبية والأمسيات الشعرية والفنية، والمساحات المفتوحة للحوار مع المبدعين والأدباء، مما يخلق جو ا استثنائي ا للحضور والزوار والمهتمين.
ويرى رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد، أن من شأن إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب أن يؤثر في تعافي صناعة النشر العربية لما بعد مرحلة جائحة فيروس كورونا الم ستجد (كوفيد-19)، مضيفا أن الدورة الجديدة للمعرض، سيكون لها انعكاسات إيجابية، وهو ما أظهرته الاجتماعات الثنائية الأخيرة بين اتحاد الناشرين العرب ومسؤولي المعرض. وذكر رشاد، في تصريحات صحفية، أن معرض الرياض الدولي للكتاب، يعد من أهم المعارض التي استطاعت أن تحجز موقعها على الخريطة الثقافية الإقليمية والدولية؛ بسبب كثافة إقبال الزوار عليه من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، واعتماد ص ناع النشر العرب عليه في رفع مستوى الإنتاج الفكري والثقافي، وهو ما ينفرد به عن غيره من المعارض الأخرى.
ووفق بيانات صادرة عن اتحاد الناشرين العرب، تعتمد دور النشر العربية في تسويق منتجاتها عبر معارض الكتب الدولية بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 52 في المئة، وهو ما يعكس أهمية الدورة الحالية لمعرض الرياض الدولي للكتاب، في دعم هذه الصناعة، التي تئن تحت وطأة تداعيات جائحة كورونا، والتي أدت إلى انسحاب 34 في المئة من الناشرين من هذه السوق.
معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الجديدة يحمل مضامين عميقة، فهو يقام في ظل ظروف وبائية وصحية خطيرة يعيشها العالم؛ لكن رغم تبعات الجائحة، يقدم المعرض أنموذجا في البناء الفكري والثقافي الذي بات نمطا حقيقيا للحياة .