مجتمع

وتستمر الحياة،.. لكن..

MGC24 – الرباط

في خضم النقاش الرائج منذ لحظة إعلان وفاة الطفل ريان بقاع البئر بعد 5 أيام من الصمود ومقاومة الظروف المحيطة، ورغم المجهودات الجبارة التي قامت بها فرق الإنقاذ بمختلف مكوناتها، بقي السؤال: هل كان في الإمكان أحسن مما كان؟
الجواب: قطعا لا، وبشهادة العالم أجمع، فقد قدم المغرب الحديث درسا قويا في التلاحم والتضامن أبهر الجميع، ربما لم نشهد له مثيلا منذ حدث المسيرة الخضراء حيث لبى المغاربة نداء الوطن. ويكفي أن نطالع اليوم برقيات التعزية عبر مختلف وسائل الإتصال، لنعلم مدى تقدير وحب العالم للمغاربة وثقتهم في ما قدموه من جهود جبارة لإنقاذ الطفل ريان. فلم ينتقد أحد من العالم الصيغة التي اعتمدها فريق الإنقاذ، بل تمت تزكيتها من خبراء دوليين، وبالتالي نجزم أنه لم يكن في الإمكان أحسن وأفضل مما كان.
لقد استطاع الطفل ريان في عمر 5 سنوات أن ينجز في 5 أيام ما لم تستطع فعاليات وقيادات تحقيقه: توحيد الأمم باختلاف مكوناتها، وجعل المغرب محور تعاطف عالمي.
هو إذن ريان الملاك الذي رحل وترك لنا مسؤولية تدبير همومنا بالتلاحم والتضامن لكي لا يبقى طفل محروم بيننا.
علينا أن نكون عند حسن ظن ريان بنا. فهو لم يختار أن يسقط في البئر الذي حفرته أيدي جده. ووثق في تضامن المغاربة لكي لا يسقط طفل بعد اليوم في أبار يحفرها الكبار ويسقط فيها الصغار.
إن الخوف كل الخوف أن ننسى مأساة الطفل ريان وأقرانه، ونعود لسابق عهدنا ونقول (وتستمر الحياة)، نعم ستستمر الحياة، ولكن لابد من تصحيح المسار وأخذ العبرة من الحدث الذي أبرز للعالم شعبا مغربيا متجذرا عبر التاريخ قادرا على حفر وتنقيل جبل لإنقاذ طفل.
ولعل أهم ما يمكن أن نعيب عليه، هو التغطيات الإعلامية الوطنية للحدث التي وسمتها الفوضى وعدم احترام بعض المحسوبين على الإعلام لميثاق أخلاقيات المهنة. وشاهدنا بعض من يصفون أنفسهم بالمؤثرين يعدون متتبعيهم بالوصول إلى البئر وتصوير الطفل وعائلته رغم منع السلطات الإقتراب من البئر لخطورة الموقع، وبعضهم يقسم بأغلظ الإيمان أن لن تمنعه قوة في الوصول للبئر في تحد سافر للقوانين. همهم أرباح الأدسانس!!
فقد تكاثر المصورون وغاب الخبر والتعليق. وبالتالي “ضاع” المغاربة والمشاهدون الأجانب المتعاطفون وسط زحمة صور بالهواتف النقالة وبجودة رديئة، ولم تتضح الرؤية إلا بعد دخول قنوات أجنبية أعطت الحدث وهجا إعلاميا دوليا، رافقته بتحليل رصين وفتحت الباب لنقاش مؤثر بين المشاهدين الذين تفاعلوا مع كارثة سقوط الطفل ريان في البئر.
لقد غاب كالعادة الإعلام الرسمي الوطني الذي كان يجب أن يكون هو القائد والحاضر ميدانيا لما يمتلكه من معدات وتكنولوجيا تؤهله للعب دوره الإخباري والتنويري لتبديد الشكوك، ولكونه يشكل مصدر الحقيقة، بدل تراجعه لفائدة قنوات اليوتيوب التي استطاعت أن تحقق بعض الإجماع لدى المتتبعين، وبالتالي، سحبت البساط أمام الإعلام الرسمي وحتى الحزبي.
رحم الله الطفل ريان، وتعازينا الحارة لوالديه ولكافة المغاربة. والشكر لكل من شارك المغرب مصيبة فقدان ريان.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + أربعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض