
المذهب المالكي في المغرب.. مدرسة تربوية إصلاحية ساهمت في بناء الشخصية المغربية – الحلقة السابعة
إعداد : الدكتور منير البصكري ـ أسفي
وعلى الرغم من استمرارية تعلق المغاربة بالمذهب المالكي نظرا للاعتبارات المذكورة سابقا ، لا بد أن نسجل بعض الفتور الذي ران على بعض المغاربة حين انشغلوا عن المذهب المالكي بأمور أخرى .
صحيح أن المغرب شهد تغيرات كثيرة ، ذكرنا بعضا منها في الحلقات السابقة ، منها العولمة وغيرها ، لدرجة أن جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله ثراه ، كان يكثر من ذكر المذهب المالكي في غير قليل من خطبه ، مؤكدا أهميته الكبرى في البناء والتوحيد والتثبيت للكيان المغربي . فقد أدرك ـ رحمه الله ـ من خلال ما كان له من إدراك سليم ووعي متيقظ وذكاء ثاقب ، ما للمذهب المالكي من أهمية وحضور في بناء الشخصية المغربية .
إن من مسؤولياتنا جميعا اليوم ، تثبيت الهوية الإسلامية من خلال التمسك بمذهبنا المالكي ، ومن ثمة ، تثبيت وترسيخ الهوية الثقافية والاجتماعية للأمة المغربية . إن علينا ألا ننساق وراء المسائل الجزئية الخلافية التي لا تشكل حتى واحدا بالمائة من المذهب المالكي وفقهه ، لأن عالم اليوم يعرف الكثير من التطورات والمستجدات ، وعلينا مواكبتها .. ولنا في المذهب المالكي الأجوبة الشافية عن كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
فما أشد حاجتنا اليوم إلة المذهب المالكي وفقهه وإلى الجدية في الاستفادة منه ، حتى تعود للمغرب ريادته ومكانته اللائقة به في العالم الإسلامي عامة وفي القارة الإفريقية خاصة . فقد كان هذا المذهب مرجع المغاربة في كل ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم . لذلك على الجيل الحاضر أن يعتز بمذهبه مهما كانت العوائق والمثبطات التي تعترضه في ظل العولمة الجارفة ، وأن يسعى إلى الاستمرار في التدفق والاندفاع إلى ما يحقق الغايات والمقاصد والأهداف المأمولة والنبيلة ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
فمذهب الإمام مالك ، كيان بارز بالنسبة لجميع المغاربة ، ولا ينازع في حضوره القوي إلا مكابر أو جاهل . مذهب يدعو إلى الوحدة والتكتل والانصهار في بوثقة العمل الموحد والمشترك الذي يقود إلى دعم كل ما هو قائم من عوامل التجانس والتماثل والتكافل بين المغاربة وغيرهم من الشعوب .. حيث قادهم إلى التعامل في شؤون دينهم ودنياهم إلى أنجع الوسائل المفضية إلى تخطي كل التحديات والمشاكل بإيمان راسخ ونفس قوي وعمل نزيه ، وذلك منذ أن استشعر المغاربة نصاعة مبادئه وقيمه ، وإشراقة توجهاته . لذلك ، لا بد لهذا الجيل أن يعرف ويتعرف إلى مذهبه المالكي ، وأن يتفاعل معه بجدية ، درءا لكل مفسدة أو زيغ أو انحراف ، خاصة ومجتمعنا الإسلامي اليوم يعرف تيارات عديدة تتقاذفه شرقا وغربا . ولعل إعادة الاعتبار والأخذ بناصية المذهب المالكي وفقهه ، سيجعل هذا الجيل قادرا على أن يتزود بما يلزم لحماية حياته الدينية والدنيوية .
انتهى .