تأملات

الوقاية خير من العلاج

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي من علينا بصحة الأبدان، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا رسوله إلى الأنام، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الكرام، وعلى من تبعهم بإحسان.
أما بعد: فإن صحة الأبدان وعافيتها؛ من النعم التي من الله تعالى علينا بها، وأوجب الحفاظ عليها، وذلك باتخاذ أساليب الوقاية الصحية، فإن درهم وقاية؛ خير من قنطار علاج،
لذالك إرتأيت أن أكتب لكم اخواني أخواتي موضوعا هاما بعنوان:
{{{{الوقاية خير من العلاج }}}
اما الوقاية في اللغة مصدر قولهم: وقى. يقي. وهو مأخوذ من مادة (وق ى) الّتي تدلّ على دفع شيء عن شيء بغيره.
وفي الاصطلاح كما يرى الإمام المناويّ- رحمه اللّه تعالى-: حفظ الشّيء عمّا يؤذيه ويضرّه، والتوقّي: جعل الشّيء وقاية ممّا يخاف.
وعليه فالوقاية تجنب الضر بالاحتماء بالنافع، وهي بهذا المعنى لا تقتصر على الأبدان، بل تكون عامة لتشمل القلوب والعقول، إذ لا فائدة ترجى من بدن صحيح وعقل خاو، أو بدن سليم وقلب سقيم .
وإذا أخذنا هذا المفهوم ورحلنا إلى الكتاب والسنة؛ لوجدنا صورا واضحة وأمثلة ناصعة على الوقاية العقدية والأخلاقية والاجتماعية. ففي الوقاية العقدية تظهر لنا: تقوية وإقامة للحجة وإظهار للبرهان على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وعلى ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وعلى قضايا الإيمان كلها: من الإيمان بالرسل والأنبياء والكتب والصحف وما يكون في اليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
وعند الانتقال إلى الوقاية النفسية كشح النفس وأمراض القلب؛ نجد القرآن يعلمنا لقوله : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9]. وهو بتحذيره يسعى إلى قلب سليم صحيح في يوم لا ينفع فيه المال ولا الأولاد ولا الحسب والجاه ، ” يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”.
وعند الحديث عن الوقاية الأخلاقية نجد القرآن يحذرنا من الاقتراب من الفواحش والفتن، قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام:151]، وقال جل في علاه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، والتعبير القرآني بقوله: (وَلا تَقْرَبُوا) يعني: لا تفعلوه ولا تقتربوا منه، فالنهي أعظم وأشمل، والوقاية أتم وأكمل، ونرى في ذلك كثيراً وكثيراً من الآيات التي تبين لنا هذا الوجه وتحثنا عليه.
وفي القرءان الكريم كذالك نتعلم أن من أهم أساليب الوقاية الصحية؛ النظافة، فقد شرع الله عز وجل لنا الوضوء، وهو درس بليغ في ضرورة النظافة وأهميتها، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين). ففي هذه الآية الكريمة؛ اشترط ربنا سبحانه النظافة لعبادة عظيمة؛ هي الصلاة، فأوجب على كل مسلم أن يغسل في الوضوء أطرافه الأكثر عرضة للتلوث، ويسن ذلك ثلاث مرات؛ لضمان النظافة الكاملة، فيخرج من وضوئه طاهرا، ويقبل على صلاته نظيفا، وقد أخذ بأسباب عافيته.
الوقاية خير من العلاج، مقولة تعودنا على سماعها منذ الصغر، وكان مفهومنا لها أن الإنسان لكى يحافظ على صحته لابد أن يتخذ الإجراءات والاحتياطات التى تمنع عنه الإصابة بالأمراض والإصابات المختلفة سواء ميكروبية أو عضوية أو حتى ميكانيكية كالحوادث وغيرها. وبالفعل فإن الإنسان إذا حافظ على طعامه الصحى ونظام الغذاء السليم فإنه يقى نفسه من العديد من الأمراض ولاشك أن عدم التعرض للإصابة بالأمراض هو أفضل بكثير من البحث عن علاج للمرض ذاته ومداوتاه بالأدوية أو بالجراحة، وهذا الكلام لا ينطبق فقط على الوقاية من الأمراض والحفاظ على الصحة العامة ولكنه ينطبق على كل شيء في حياتنا اليومية والاقتصادية والاجتماعية.
وعليه فإن الإنسان إذا أصابه شيء من الأمراض المعدية؛ عليه أن يتجنب مخالطة الآخرين؛ حفاظا على صحتهم، وحرصا على سلامتهم، ودفعا للضرر عنهم، قال النبي صَلى الله عليه وسلم: «لا يوردن ممرض على مصح». ويشمل ذلك كل الأماكن العامة، ومنها المساجد، فكل مصل يشعر بأعراض حرارة في جسمه، أو نزلة برد، أو سعال أو عطاس؛ يجب عليه أن يصلي في بيته، ولا يحضر إلى المسجد لصلاة الجماعة ولا لصلاة الجمعة؛ حتى يمن الله تعالى عليه بالشفاء، ومما يحافظ به المرء على سلامة غيره؛ أن يلتزم إذا عطس بهدي النبي صَلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا عطس غطى وجهه بيده أو بثوبه. فإن ذلك كله مما يحول دون انتشار الأمراض. فعلينا أن نحرص على تلك التوجيهات النبوية، وندرك مقاصدها التي تحقق المصلحة .
والشكر كل الشكر لمغربنا الحبيب بحيث وفر العديد من الاجراءات الوقائية بالتعاون مع وسائل الإعلام المحلية لنشر المعلومات التوعوية للوقاية من الأمراض التنفسية بشكل عام، ورسائل توعوية على الهواتف الخلوية تتضمن تعليمات ارشادية وتعريف عن الفايروس المستجد.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الجهات الرسمية مشكورة، الا ان هذا المرض( كرونا) لا زال يشكل مصدر قلق للمواطنين بسبب الاعلان عن اصابات بكورونا.
لذلك فانه من الواجب على الجميع المشاركة والوقوف «يدا بيد» واتباع الاجراءات الوقائية ابتداء من الأسرة ودورها بتعليم ابنائها الطرق الصحيحة للنظافة الشخصية، والتي تساعد على منع انتقال الأمراض المعدية،
فاللهم ارزقنا صحة في أبداننا، وعافية في أجسادنا، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد اشرف المخلوقين.   وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض