مجتمع

“البنيات التحتية الأساسية، رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”

عبد اللطيف أفلا

لأن المملكة المغربية تعرج بقوة وثبات إلى المعالي، بقيادة باني المغرب الحديث صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، فإن 25 سنة الأخيرة من تربعه على عرش أسلافه المنعمين، طُبعت ببصمة عظيمة بارزة في مجد تشييد ونماء وتطور مغرب حديث، مغرب قوي ومتطور، يمضي قدما بخطى ثابتة دون توقف ولا تريث، لأن الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، رؤية فريدة منيرة تسير بنا إلى مغرب المستقبل.
واستكمالا للبناء ترجمة للاستراتيجيات الملكية السامية، تشتغل الحكومية الحالية على قدم وساق وبتسارع لتحقيق إقلاع حضاري وتنموي شامل، ولا يكفيها تحريك المعول والفأس في الأوراش فقط، بل يشغل اجتماعاتها عرض ودراسة وتتبع المنجزات والأوراش، حيث شكل موضوع “البنيات التحتية الأساسية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية” محور جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب أمس الإثنين 16 دجنبر، وفي معرض حديث رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال تلك الجلسة قال:
“إن نموذج “مغرب المستقبل”، الذي يتصوره جلالة الملك محمد السادس نصره الله، يتجسد في رسم معالم “مغرب جديد” قائم على التكامل العميق بين مكتسباتنا الوطنية والإرادة الجماعية.وهو التصور الملكي الذي يراهن في نفس الوقت، على استثمار كافة المؤهلات والإمكانات التي تزخر بها المملكة، في سبيل تحقيق إقلاع حضاري وتنموي شامل، وتوطيد دعائم نموذج وطني متفرد، مبني على رؤية استراتيجية مستقبلية طموحة.
ففي سياق اجتاز فيه العالم لحظات اللايقين، استطاعت بلادنا التأسيس لمسارات تنموية واعدة، تقوم على فهم عميق للتحولات الراهنة، وتسعى للعبور نحو مراحل أوسع من الارتقاء التنموي.”
وذكر رئيس الحكومة في كلمته بأن موضوع “البنيات التحتية” يشكل أهم الأولويات التي ارتكز عليها المسار التنموي الذي يقوده صاحب الجلالة نصره الله منذ تربعه على عرش أسلافه الميامين، بمنظور واضح شمولي يقوم على التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية.
وقدم السيد اخنوش منجزات المملكة المغربية في مجال البنيات التحتية بالأرقام، حيث صُنف المغرب، الأول على الصعيد الإفريقي في مجال تطور البنية التحتية، حسب “مؤشر الحكامة الإفريقية” لسنة 2024، واحتل ميناء طنجة المتوسط المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا كأكبر ميناء للحاويات.
وانتقلت بلادنا من 80 كيلومتر من الطرق السيارة سنة 1999 إلى 1.800 كيلومتر حاليا، وعدد المطارات من 15 مطارا سنة 1999 إلى 25 مطارا، و السدود من 95 سدا سنة 1999 إلى 154 سدا.
ولأن تنمية المجال الترابي تظل أحد التوجهات الكبرى للرؤية الملكية المتبصرة، فقد وُضع برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي الذي خصصت له ميزانية 50 مليار درهم برسم الفترة 2017-2023، إلى جانب برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. والذي تسبب في انتقل عدد المستشفيات من 112 سنة 1999 إلى 177 سنة 2024، بزيادة قدرها و عدد مؤسسات الرعاية الصحية الأولية من 2.138 إلى 3.066، و ارتفع عدد المؤسسات التعليمية في نفس الفترة من 7.455 مؤسسة إلى أكثر من 12.000 مؤسسة سنة 2024، وانتقل عدد المؤسسات الجامعية من 73 مؤسسة 000 إلى 162 مؤسسة برسم السنة الجامعية في نفس الفترة كذلك، كما أن المؤسسات التابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل هي الأخرى ارتفع عددها من 185 مؤسسة إلى 474 2024، كما تم افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات، هذا إضافة إلى برنامج “مدن بدون صفيح”.
وبخصوص المشاريع الجارية تحدث رئيس الحكومة قائلا:
“إن تزامن الولاية الحكومية الراهنة مع الرؤية الملكية السامية لبناء “مغرب المستقبل”، يجعلنا منخرطين في هذا الأفق التنموي الفارق في تاريخ بلادنا، والذي يقوم على ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية ونهضة اقتصادية، قادرة على خلق القيمة المضافة العالية، وإتاحة المجال للمبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمار.
وهي استراتيجية تنموية بعيدة المدى، نراهن على أن تستكمل أهدافها الكبرى في أفق 2030، باعتبارها فرصة تاريخية للتسريع بتحقيق هذا التحول النوعي في نموذجنا الاقتصادي.”
يتمثل هذا التحرك الاقتصادي الشامل عبر العديد من الاستراتيجيات مثل استراتيجية الجيل الأخضر التي رفعت ميزانية القطاع الفلاحي من 15,3 مليار درهم سنة 2021، إلى 19,5 مليار درهم سنة 2024 (و20,2 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025)؛
و رفع ميزانيات البرامج الأخرى كالاستراتيجية السياحية والمغرب الرقمي ، وعن البنيــــــــة التحتيــــــــــة للنـــــــقل يقول رئيس الحكومة عزيز أخنوش:
“إذ نسجل بارتياح شديد، تربع المغرب على مراكز متقدمة قاريا وعربيا في التصنيفات الدولية من حيث جودة البنية التحتية، وهو ما يعزز من القدرة التنافسية للمغرب، ويرفع جاذبيته على المستويين الداخلي والخارجي.”
وفي ذلك عملت الحكومة على تنفيذ برامج استثمارية تهم الطرق المزدوجة، عبر تسريع وتيرة إنجاز الطريق السريع تيزنيت – الداخلة على امتداد 1.055 كيلومتر و16 منشأة فنية بكلفة مالية إجمالية تناهز 8,8 ملايير درهم، ستمكن من تعزيز الإشعاع السوسيو-اقتصادي لأقاليمنا الجنوبية، كما تم وضع مشروع بناء محور برشيد–تيط مليل ، وتثليث محور الدار البيضاء – برشيد، و مشروع الطريق السيار القاري بين الرباط والدار البيضاء و الطريق السيار كرسيف-الناظور.
سككيا تعمل الحكومة على تمديد الخط فائق السرعة من القنيطرة إلى مراكش، ومستقبلا حتى مدينة أكادير، وبخصوص النقل الجوي تم تعزيز شبكة المطارات ببلادنا وتهيئتها وزيادة طاقتها الاستيعابية من خلال تنزيل خارطة الطريق للسياحة، ومواصلة لهذه الدينامية، وضعت الحكومة مخططا لمضاعفة سعة النقل الجوي في إطار خارطة الطريق لقطاع السياحة 2023-2026، عبر إطلاق أزيد من 32 خط جوي جديد،
وفي إطار الاستعداد لاستحقاقات كأس العالم 2030، يضيف رئيس الحكومة خلال كلمته بالبرلمان:
“سيتم تطوير وتوسعة مطار محمد الخامس الدولي من أجل بلوغ 23,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، عبر إنشاء مدرج ثالث، ومرافق إضافية بمبنى الركاب.
كما سيتم العمل على الرفع من الطاقة الاستيعابية لمطار مراكش لاستيعاب 14 مليون مسافر متوقع بحلول عام 2030، عبر تحسين ومضاعفة مساحة مبنى الركاب، وتوسيع منطقة انتظار الطائرات.
وفي نفس الإطار، ستعمل الحكومة على تجديد مطار أكادير بهدف تعزيز قدرته الاستيعابية لاستقبال ما يعادل 6,3 مليون مسافر بحلول سنة 2030، من خلال إعادة تأهيل وتوسعة المحطة الحالية، إضافة إلى تعزيز البنية التحتية الخارجية.”

وبحرا تواصل الحكومة تنفيذ التوجيهات الملكية السامية لتطوير شبكة الربط البحري، ببناء مزيد من الموانئ، كميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي بكلفة تناهز 13 مليار درهم.
ومواجهة لإشكالية نقص المياه، تشتغل الحكومة على تسريع تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027)، ومن بينها بناء السدود، و تسريع إنجاز مشاريع الربط المائي بين الأحواض ومشاريع تحلية مياه البحر وتطوير صناعة محلية لإنتاج المياه المحلاة مع تشجيع استعمال الطاقات المتجددة لإنتاجها،
ومن جانب آخر، سيتم تعزيز الموارد المائية غير الاعتيادية من خلال دعم إعادة استعمال المياه العادمة المعالجة ثم الرفع من الطاقة الخاصة بمعالجة المياه العادمة.
ولتحقيق وتقوية سيادة المملكة المغربية صناعيا، عملت الحكومة على إطلاق 32 مشروعا جديدا لإحداث وتوسيع المناطق الصناعية في مقدمتها “مدينة محمد السادس طنجة-تيك.
بالنسبة للانتقال الطاقي ذكّر رئيس الحكومة بالمبادرة الملكية لتغيير نموذجنا الطاقي وتحسين تموقع المملكة في مجال الطاقات المتجددة عبر تعبئة الموارد الوطنية من طاقات الرياح والشمس، إضافة إلى اعتماد أساليب النجاعة الطاقية سعيا لتحقيق اقتصاد في الطاقة بنسبة 20 % في أفق 2030.
كما عملت الحكومة على إطلاق مشروع الربط الكهربائي بين جنوب ووسط المملكة الذي يهدف إلى تقوية شبكة النقل الوطنية للكهرباء من خلال إنشاء خط للربط الكهربائي بين منطقة بوجدور–الداخلة ومناطق وسط المغرب وذلك بغية توصيل الطاقة المتجددة المنتجة بوتيرة مرتفعة في الجنوب إلى وسط المملكة.
أشار المتحدث أيضا إلى أهداف مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي والذي سيوفر 8.800 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيع.
وتطويرا لقطاع الهيدروجين الأخضر، حددت الحكومة حيزا عقاريا مساحته مليون هكتار، لفائدة المستثمرين خلال المرحلة الأولى.
واستكمالا للبنى التحتية الشاملة للمملكة المغربية، قامت الحكومة بخصوص الانتقال الرقمي بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، التي سيتقدم العديد من الخدمات السحابية تلبية لاحتياجات القطاعين العام والخاص
ولأن “مغرب المستقبل” الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس هو مغرب متزن متوازن بنهضة شمولية، ولأن الطموح الملكي العظيم لتعزيز أسس الدولة اجتماعية، فلابد من تقوية البنيات التحتية الاجتماعية، كتعميم التغطية الصحية الإجبارية والدعم الاجتماعي المباشر وإصلاح وتقوية القطاعات الصحة والتعليم وتقليص الفوارق.
حيث رفعت الحكومة ميزانية الصحة من 18 مليار درهم سنة 2020، إلى أزيد من 30 مليار درهم سنة 2024 ، وفيما يخص مجالات التربية والتكوين
وفي مجال التربية والتكوين تم الرفع من ميزانية القطاع من 62 مليار درهم سنة 2022، إلى أزيد من 85 مليار درهم، وللجامعة بدورها استفادة من هذا التحرك الفعلي والقوي لهاته الدينامية الانتقالية كما بالنسبة للتكوين المهني.
إن تشرف المملكة المغربية بتنظيم كأس الأمم الإفريقية لسنة 2025 وكأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، مرآة تعكس جاذبيتها وكفاءته لاحتضان كبريات التظاهرات العالمية، وهنا يضيف رئيس الحكومة خلال كلمته بالبرلمان يوم الاثنين 16 دجنبر:
“تجري حاليا عمليات إعادة تأهيل البنيات التحتية التي ستستضيف هذه الاستحقاقات، في إطار برنامج لإعادة تأهيل وبناء الملاعب الكبرى الذي أطلق بكل من: الرباط، طنجة، مراكش، فاس، أكادير والدار البيضاء، وتحديث 45 ملعبا وموقعا للتداريب.
إلى جانب تشييد الملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان، بطاقة استيعابية تصل إلى 115.000 مقعد.”
ما يميز برامج التنمية الحضرية والمندمجة للمدن، هو اشتغال الحكومة على تنزيل برنامج خماسي للفترة 2024-2028 لتسريع وتيرة محاربة السكن غير اللائق والقضاء على دور الصفيح بشكل نهائي.
وعرض عزيز أخنوش اهتمام الحكومة بالجانب الثقافي والتراثي للمملكة، كإنجاز برنامج التنمية الحضرية لأكادير، وإعادة تأهيل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وإنجاز القطب الثقافي لمدينة فاس، وبرنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لطنجة، و بناء مركز حماية وتثمين موقع سجلماسة ومركز التعريف بالتراث الأركيولوجي لجبل إيغود باليوسفية، ومواصلة إنجاز مشاريع ترميم وصيانة الحمامات الرومانية بالموقع الأثري شالة، ومواصلة ترميم قصبة تمارة.، إضافة إلى الاشتغال على ترميم الأطلال والآثار التاريخية التي خربها زلزال الحوز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض