المولديات في الشعر الملحونثقافة


المولديات في الشعر الملحون – الحلقة السابعة

إعداد : الدكتور منير البصكري الفيـــلالــي / أسفـــي

كيف لا، وهو أعظم خلق الله كلهم، أنقذ البشرية من عقال الجهل والظلم والفرقة والتباين والعبودية، وهداها إلى نور المعرفة والمحبة والتآخي وغيرها من الصفات والمبادئ والقيم، مما لا يدخل تحت حصر . وصدق الله العظيم إذ يقول: “هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ..” وقوله تعالى في موضع آخر في حق نبيه الكريم: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” .. فكيف لا يحق لهؤلاء الشعراء أن يعبروا عن حبهم الصادق للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو على هذه المكانة المرموقة السامية من المجد والعظمة والمكارم الأخلاقية والكمال الإنساني؟ إنها محبة تتعدى التعلق به لغاية أو هدف ما، إلى حبه لذاته محبة روحية وخالصة، تكسر الحدود وتصل إلى القلوب ، فتجذبها إلى عالم الصفاء والكمال.
لقد أحب شاعر الملحون النبي صلى الله عليه وسلم ، وتفانى في حبه له .
وقد أحس شعراء الملحون بهذا الفيض، فعبروا عنه في قصائدهم، كل واحد منهم على قدر قوة طبعه وإحساسه.
لقد كانت قصائد مدح النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به، من أغنى الموضوعات التي ملأت قلوبهم ومشاعرهم وعقولهم. وهكذا عبروا عن حبهم الصادق للرسول صلى الله عليه وسلم، يذكرونه في قصائدهم، فنجدهم كم خلال ذلك، مؤمنين بأن حقيقة النبوة هي قوة من الوجود في إنسان اختاره الله ليكون خير البرية خلقا وخلقا، جاءت لتصلح الإنسانية به، وتقر في هذه الحيوانية المهذبة مثلها الأعلى.
حقا، إنها قوة مؤثرة في كل جوانبالحياة، خلصت الإنسان من العبودية لكل شيء إلى السيادة على كل شيء.
لقد كان العالم الإنساني يكابد في الجاهلية عوامل البلى من وثنية توبق الروح، وجاهلية توثق العقل، ومادية ترهق الجسد. وكانت الطبيعة المشفوقة تنتظر انبثاق الروح المبدع، وكانت الخليقة الحائرة ترسل النظر الحائر في الآفاق ترتقب لمعة النور، وكلمة الهدى من الله، ثم انبثق روحه القدسي في مجاهل البدو ومعالم الحضر.
جاء النبي صلى الله عليه وسلم بعقيدة تشيع الطمأنينة في نفوس حائرة، وبنظام ينشر عليها الأمان بين بني جنسها. ولقد توافرت له عليه الصلاة والسلام خصائص الداعية، فكانت له فصاحة اللسان واللغة، والقدرة على العمل وقوة الإيمان والغيرة على الدين. وجد فيه الأقوياء الرحمة والإنابة، ووجد فيه الضعفاء العدل والإنصاف. يقول تعالى: “فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم ، وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله. إن الله يحب المتوكلين.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض