مجتمع

قرية بوغرارت بدمنات.. براعة متوارثة للحرفيين المغاربة في صناعة الفخار

اشتهرت قرية بوغرارت بجماعة دمنات تاريخيا بصناعة الفخار والخزف بفضل مهارة وبراعة حرفييها الذين لطالموا تفننوا في تشكيل مصنوعات خزفية ذات جمالية تقليدية عريقة وأصيلة.

وقد توارثت هذه المنطقة الجبلية، التي تعايش فيها اليهود والمسلمون على مدى عصور ، خبرة وصنعة مشهودا لها اكتسبها حرفيوها الذين أبدعوا بإبهار في صناعة الفخار والخزف.

فعند مدخل هذه القرية الصغيرة الواقعة على بعد 4 كيلومترات من مدينة دمنات، تبدو للزائر مساحات واسعة من الطين تعم المكان، وتجعل من دوار بوغرارت نموذجا رائدا في مجال صناعة الفخار ، خاصة قصعتها المقعرة الشهيرة ، (القصرية الكبيرة) المزلجة بأشكال زخرفية ومنمنمات تعكس مقومات الإبداع التقليدي المغربي.

وتعتبر مادة الطين هبة طبيعية لطالما شكلت مصدرا ومقوما هاما لهذه الحرفة اليدوية العريقة بهذا الجزء من مدينة دمنات ، التي بفضلها ظلت صامدة منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد رغم الانعكاسات السلبية التي طالت سلسلة إنتاج هذه الصنعة العتيقة.

رشيد العمري، صانع خزفي بإحدى الورشات بقرية بوغرارت، تتشابه يومياته مع هذه الحرفة، يبدأ نهاره مبكرا ، ليشرع مباشرة بعد الفجر ، رفقة زملائه في تجميع الطين من شتى أنحاء القرية لتجفيفه تحت أشعة الشمس، ونقعه في الماء ثم عجنه باستعمال الأقدام لجعله أكثر ليونة.

بعد ذاك تأتي الخطوة الثانية المتمثلة في صناعة نماذج صلصالية عن طريق تشكيلها آليا وإعطائها الشكل المرغوب فيه (قصعات ،قصريات أطباق، طواجن ، قلل، أكواب ، صحون…) ، قبل تسخينها في الفرن على درجة حرارة تصل إلى 880 درجة مائوية، وتزيينها وزخرفتها بعد ذلك بلمسة مغربية خالصة.

كل هذه الخطوات تعكس الخبرة العريقة للحرفي بدوار بوغرارت ، وبراعته وحب ساكنة هذه القرية لهذه الحرفة جيل بعد جيل.

ويعبر رشيد عن الأمل في استمرارية هذا التقليد العريق المتمثل في صناعة الأواني الفخارية والخزفية بقرية بوغرارت التي ظلت وفية لهذا الإبداع التقليدي المتوارث .

وأشار هذا الحرفي الماهر إلى أن بوغرارت رغم شهرتها في مجال صناعة الفخار ، تظل مهمشة بسبب عدم تسويق منتوجاتها بشكل واسع لدى عموم الناس. ومن هنا الحاجة إلى تضافر جهود مختلف المعنيين لتطوير وعصرنة هذا القطاع والنهوض بأوضاع حرفييه.

وأضاف أن صناعة الفخار موروث حضاري وثقافي ويساهم في توفير فرص الشغل لعدد من الشباب دون أن يضطروا إلى مغادرة القرية أو الهجرة ، لذلك يتعين النهوض به من أجل تعزيز إشعاع المنطقة وإدراجها في الدورة الاقتصادية المحلية والجهوية.

وأبرز إسماعيل بولخواتم ، وهو أيضا حرفي ماهر ، المعالم الإبداعية لهذه الصناعة بقرية بوغرارت المشهورة ب”قصريتها” الدمناتية، والتي أعطت شهرة للمنطقة، بفضل أشكال منتوجاتها الجميلة.

وإذا كان الفخار المغربي يحتل مكانة مشرفة على المستوى الدولي، فإن ذلك يعود إلى براعة الحرفي المغربي الذي لا يذخر جهدا للحفاظ على هذا التقليد العريق من خلال تطويره مع صيانة لمسته الإبداعية الأصيلة ، خدمة لإشعاع الصناعة التقليدية المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض