ثقافة

صدى رجالات أسفي في التاريخ – الحلقة 68

إعداد: الدكتور منير البصكري الفيلالي / أسفي

عبد الرحيم الوزاني
     إذا كان مجال الحديث عن السي عبد الرحيم الوزاني لا يسمح بالتوسع في التعرف أكثر إلى هذه الشخصية الآسفية، وعن جميع أطوار حياتها نظرا لتعدد مناحيها الغنية والمتنوعة ، فلا أقل من أن نتحدث عن أمرين اثنين:
الأول : النشأة والتربية في بيئة أصيلة. فلا يخفى ما هي معروفة به أسرة آل الوزاني في مدينة أسفي من فضل وخيارة، وكذا ما هي معروفة به في مجال العلم والوطنية.
ونود أن نذكر في هذا المقام، والده المرحوم السيد محمد بن الطيب الوزاني الفقيه البركة على حد الوصف الذي خلعه عليه الأستاذ عبد الرحمان بن الشيخ، كونه من خيرة علماء وفقهاء ثغر أسفي، مطلع على مختلف العلوم الدينية .. إضافة إلى أنه كان يتمتع بحس وطني كبير، فقد ناضل من أعلى منابر مساجد مدينة أسفي، داعيا إلى التحرر من ربقة المستعمر الغاشم. نذكر أيضا ـ ونحن بصدد الحديث عن والد مترجمنا ـ أنه إلى جانب ما سبق ذكره، قد تتلمذ على يد كبار علماء آسفي قبل أن يرحل إلى فاس ليلتحق بجامع القرويين، فكان من خيرة علمائها الخريجين، حيث حصل على شهادة العالمية.
وبعد عودته إلى أسفي عام 1909 اشتغل بالدعوة إلى الحركة السلفية لغاية انطلاق الحركة الوطنية كخطيب الجمعة بمسجد ” أفنان ” (الجامع الفوقاني أو الجامع الصغير) يصرف أفكاره الوطنية ويمرر خطابه التوعوي الوطني ضمن قالب ديني.
كل هذا، أثر في تنشئة السي عبد الرحيم الوزاني وكون له شخصية متعددة المشارب، حيث متح من معين والده، وهو ما سينعكس ـ لا محالة ـ على مساره الحافل بالعطاء العلمي والوطني.
ولد السي عبد الرحيم الوزاني في أسفي يوم 15 مارس 1933 بحي أشبار. وكعادة أبناء أسفي في تلك الحقبة، تلقى السي عبد الرحيم تعليما تقليديا .. فقد تلقى دراسته الأولى بكتاب مولاي محمد الكنوني بالمدينة العتيقة، ثم كتاب الفقيه محمد الهسكوري بدرب “بوجرتيلة”  في مرحلة لاحقة، حيث حفظ القرآن الكريم والآجرومية وهو في سن الرابعة عشر .. وقد تحول هذا الكتاب رسميا فيما بعد إلى مدرسة حرة عام 1945 ، فكان ضمن الفوج الأول الذي ولج هذه المدرسة في موسمها الأول ما بين 1945 و 1946. حيث تلقى بعض المواد المكملة كالحساب والجغرافية والتاريخ على يد ثلة من رجال أسفي المبرزين في مجال التربية والتعليم، نذكر منهم السيد ابراهيم العبدي والسيد محمد بن بوزيد والسيد محمد السالك والسيد عبد السلام امجيد.
بحلول سنة 1949، سيحصل السي عبد الرحيم الوزاني على الشهادة الايتدائية التي كانت توقع آنذاك من طرف القاضي الشرعي بالمدينة. بعد هذه المرحلة، التحق بمدرسة النهضة حيث أحدث قسم تكميلي (إعدادي) وفيها تتلمذ على يد السادة: الفقيه محمد السرغيني والأستاذ عبد السلام امجيد والفقيه الجليل عبد السلام المستاري (مؤسس هذه المدرسة ومديرها). وبما أن الظروف في آسفي في ذلك الإبان، لم تكن مواتية لإتمام التعليم في مستويات أعلى، لم يقف السي عبد الرحيم مكتوف الأيدي،بل واصل تكوينه الفكري والعلمي تحدوه عصاميته، فاعترف من معين ثقافة عصره بقراءة كل ما كان يقع تحت يده مما كان يفد من الشرق العربي من كتب ومجلات وصحف .. ومعلوم أن مثل هذا التكوين، كان ديدن الكثير من الشخصيات نظرا للظروف القاسية التي كان يفرضها الاستعمار الفرنسي إبان الحماية.
يتبع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى
MCG24

مجانى
عرض